إنخفاض نسبة الأوكسجين عند الصعود إلى الأعلى نحو السماء
بعد تمكن الإنسان من بلوغ السماء بالطيران بوسائل النقل الحديثة عرف أنه كلما أرتفع إلى الأعلى في الجو قل الأوكسجين والضغط الجوي، مما يسبب ضيقاً شديداً في الصدور وعملية التنفس، وذلك عين ما تنطق به الآية قبل طيرانالإنسان بثلاثة عشر قرناً من الزمان كما ورد في القرآن: "فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ" والحرج شدة الضيق، والآية تبين أنه من عمل ما يستحق به أن يعاقبه الله بإضلاله. فمثل حاله عند سماعه الموعظة وما يتصل بها من الإيمان بالإسلام،وما يصيبه من ضيق شديد كمثل الذي يتصعد في السماء، فما أدرى الرجل الأمي بهذه الحقيقة التي لا يعرفها إلا من صعد للسماء.
الظلمات المتعددة في أعماق البحار السحيقة والأمواج التي تغشاها
كشفت العلوم الحديثة إن في قاع البحار العميقة الكثيرة الماء - البحر اللجي - ظلمات شديدة، حتى إن المخلوقات الحية تعيش في هذه الظلمات بلا أدوات بصرية وإنما تعيش مستخدمة حواسها الأخرى كالسمع، ولا توجد هذه الظلمات الحالكة في ماء البحر الذي يحيط بالجزيرة العربية وإنما اكتشفوها في المحيطات البعيدة عنها ذات الماء الكثير - البحر اللجي - كما اكتشف العلماء موجاً بحرياً داخلياً يغشى البحر وهو أطول وأعرض من الموج السطحي وتم كشفه كذلك بواسطة الأقمار الصناعية، والآية القرآنية تقول "أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ " فتكونت هذه الظلمات نتيجة البحر العميق اللجي أولاً، ثم الموج الداخلي الذي يعكس أشعة ضوء الشمس فلا يسمح لها بالنفاذ إلى الأسفل ثانياً، والموج السطحي ثالثاً الذي يعكس جزءاً من الأشعة، والسحاب الذي يحجب كثيراً من أشعة الشمس فلا يسمح لها بالنفاذ إلى الأسفل رابعاً، فهي ظلمات بعضها فوق بعض وأسبابها المنشئة لها بعضها فوق بعض.
الموج البحري ومن فوقه موج آخر
مسألة أخرى تبينها هذه الآية وهي الموج البحري الذي كان الناس جميعاً لا يعرفون سوى موج واحد في البحار، فالآية أعلاه تقول هنالك موجاً آخر في أعماق البحار، واكتشف الغواصون في بداية القرن العشرين حقيقة كانت مخبوءة في أعماق البحار تلك الحقيقة التي تبين موجاً آخر يقذف بالغائصين فيه كما يقذف بالسابحين عليه، واكتشف هذا الموج الغواصين الأسكندنافيين. وتم توثيق اول أدعاء حول هذا الموج البحري في نهاية الحرب العالمية الثانية بواسطة الغواصات العسكرية التي كان يستخدمها الحلفاء، إذ كانت تنعكس عندهم موجات أجهزة السونار المستخدم، ثم تبين حقيقتها في نهاية القرن العشرين عبر بحوث حديثة. ذكرها العالم عبد المجيد الزنداني في كتابه حول الاعجاز "توحيد الخالق".
والشمس تجري
الشمس نجم الغاز الموقدة بعيدا عن الأرض بمسافة 150000000 كيلو ميتر. تقدر ثمانية دقائق لوصول الأشعة منها إلى الأرض. ولولم تكن الشمس من الأرض على هذه المسافة المتوسطة كما نراه لما بقي في الأرض نبضة الحيوة ولا مواردها قط. وقد نفعت أشعة كثيرة من الشمس لإستقرار الحياة و تجددها في سطح الأرض.
" وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ " لقد اعتقد العلماء في القرن الماضي أن الشمس هي مركز الكون وأنها ثابتة في حجمها وكتلتها ومكانها، وأن كل شيء يتحرك حولها، لكن الشمس تجري وتتحرك. كان الإنسان جاهلا عن الشمس وظواهرها حتى إيجاد تلسكوب، ولكن نرى في القرآن الكريم آيات عديدة عن الشمس ونجوم أخرى. فمن الجدير بالذكر أن هذه الآيات ماعارضت حقائق العلوم الحديثة كما نرى فيها. أمعنوا أنظاركم إلى هذه الآية الكريمة "وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ" (36:38) البحوث الفعالة والمناقشات الحارة في المجلات الحديثة عن الشمس وجريانها، لعلها يعجب الطلاب العلوم ويحرضهم على البحث العلمي و الدراسة النظامي في هذه الآية لما صدرت من لسان نبي أمي قبل 1400 سنوات وقبل إيجاد تلسكوب وما إليها من الأدوات المتطورة العلومية الحديثة.
الماء والحياة
ولقد تضمنت الآية القرآنية أعلاه حقيقة علمية أخرى لا تحتاج إلى توضيح وهي أن سائل الماء شيء مهم وأساسي لوجود الحياة على كوكب الأرض، ولا يوجد حالياً سائل في الأرض يصلح أن يكون وسطاً صالحاً للتفاعلات الحيوية في جسم الأحياء غير الماء، ولقد اكتشف أحد الباحثين إن بعض الأحياء المجهرية كالبكتريا تستطيع العيش بدون هواء لفترة زمنية ولكنها لا تستطيع الأستغناء عن الماء مطلقاً كما تشير الآية إلى ذلك من قبل أن يعرف البشر هذا، وإن كانت الآية تشير إلى حقيقتان علميتان.
الفرث والدم في علم التشريح للأنسجة
بعد تقدم العلم وأكتشاف كيفية تكون اللبن في الأنعام، ووجد الباحثين أن الأنزيمات الهاضمة تحول الطعام إلى فرث يسير في الأمعاء الدقيقة حيث تمتص العروق الدموية - الخملات - المواد الغذائية الذائبة من بين الفرث فيسري الغذاء فيالدم، حتى يصل إلى الغدد اللبنية وهناك تمتص الغدد اللبنية المواد اللبنية التي سيكون منها اللبن من بين الدم فيتكون اللبن، الذي أخرج من بين فرث أولاً، ومن بين دم ثانياً، وذلك نص صريح تنطق به الآية في القرآن: "وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ "
الرياح والتلقيح والمطر
" وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ "
تقوم الرياح بالتلقيح الريحي للنباتات بنقل حبوب اللقاح إلى أعضاء التأنيث في الأزهار ليتم الإخصاب وتكوين الثمار ، وتثير الرياح كذلك السحاب بتزويد الهواء بالرطوبة اللازمة، وإن إرسال الرياح بنوى التكثف المختلفة يعين بخار الماء الذي بالسحاب على التكثف، كما يعين قطيرات الماء المتكثفة في السحاب على مزيد من النمو حتى تصل إلى الكتلة التي تسمح لها بالنزول مطراً.
دوران الأرض حول نفسها
"وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ " أن الجبال تدور دوراناً سريعاً كالسحاب لكن الإنسان يراها ثابتة مستقرة، وهناك اختلاف في المقصود من الآية حين قال ابن عثيمينأن الآية تتحدث عن يوم القيامة وليس في الدنيا.
العنكبوت
"مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ" معاملة العنكبوت معاملة المؤنث مع أن لفظ العنكبوت مذكر في اللغة العربية ، وفيها أن التي تقوم ببناء البيت هي أنثى العنكبوت فقط من خلال مغزل خاص موجود في نهاية بطنها، ولا يوجد مثله عند الذكر.وايضا شبه الله الذين يتخذون اولياء غير الله كمثل الذين إتخذوا بيت العنكبوت ،حيث كشف العلم مؤخرا سر ذلك التشبيه، حيث ان بيت العنكبوت هو ابعد البيوت عن صفة البيت بما يلزم البيت من امان و سكينة وطمأنينة . فالعنكبوت الانثي هي التي تبني البيت وتغزل خيوطه وهي الحاكمة عليه وهي تقتل الذكر بعد ان يلقحها وتأكله..والابناء يأكل بعضهم بعضا بعد الخروج من البيض ، ولهذا يعمد الذكر الي الفرار بجلده بعد ان يلقح انثاه ولا يحاول ان يضع قدمه في بيتها . وتغزل انثي العنكبوت بيتها ليكون فخما وكمينا ومقتل للحشرات ، وكل من يدخل البيت من زوار وضيوف يقتل ويلتهم. فأنه لأوهن البيوت لمن يحاول أن يتخذ منه ملجأ
الغراب
" فَبَعَثَ اللّهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَـذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ" اختصاص الغراب بإخفاء جريمته ، أثبتت الدراسات العلمية أن الغراب هو أذكى الطيور وأمكرها ،ويعلل ذلك بأن الغراب يملك أكبر حجم لنصفي دماغ بالنسبة إلى حجم الجسم في كل الطيور المعروفة. ومن بين المعلومات التي أثبتتها دراسات سلوك عالم الحيوان محاكم الغربان وفيها تحاكم الجماعة أي فرد يخرج على نظامها ،ولكل جريمة عند جماعة الغربان عقوبتها الخاصة بها.
علم النباتات
لقد كان معلوماً للناس قديماً إن الذكورة والأنوثة لا توجد إلا في الإنسان والحيوان، أما في النباتات فلم يعلم الناس حقيقة هذا الأمر إلا في الوقت الراهن بعلم النبات، وتقدم علم التشريح للنبات وقد ذكر القرآن ذلك : "سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ" كما كان الناس قديماً يجهلون حقيقة النباتات وتكوينها وكشفت العلوم الحديثة إن النباتات تتكون من مواد أساسية واحدة هي :(كربون، وهيدروجين، ونتروجين، وكبريت أو فسفور) وبعض المواد الضئيلة الأخرى، غير إن سبب أختلاف نسبة التراكيب الكيمياوية في النبات يرجع إلى أختلاف أوزان النبات في كل منها، وإن جذر كل نبات لا يمتص من المواد في الأرض إلا بمقادير موزونة محددة، وبهذا تكلمالقرآن لنا عن هذه الحقيقة العلمية: "وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ"
برزخ البحرين وعدم مزجهما:
وهو الإعجاز العلمي الذي لايمكن أن نبينه سوى قولنا إنه إخبار سابق للمحدثات العلمية في عصرنا قبل اكتشاف العلوم الحديثة وبحوثها الدقيقة. ومن ذلك قوله: "مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ" وقد اكتشف الباحثون أن مياه البحار لا تمتزج مع بعضها البعض، بل لقد وجدوا أن مياه البحر الأبيض المتوسط لا تمتزج بمياه المحيط الأطلنطي عند جبل طارق. فهناك التقاء وبينهما حاجز " أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَئِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ "
الطارق
أقسم الله تعالى بنجوم عظيمة فقال"وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ 1 وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ 2 النَّجْمُ الثَّاقِبُ3"ويُعتقد أنها النجوم النابضة بالإنجليزية: (pulsating star) لأنها تصدر أصواتًا مثل صوت الطرق و يؤكد علماء وكالة ناسا أن هذه النجوم تصدر أصوات نبض أو خفقان.
يؤكد البروفسور Richard Rothschild من جامعة كاليفورنيا أن النجوم النابضة تنتج عن انفجارات النجوم وتبث كميات هائلة من الإشعاعات التي تعتبر الأشد لمعاناً وهي تعمل مثل المطرقة التي تدق، فيقول "هذا الانفجار كان شبيهاً بضرب نجم نيوتروني بمطرقة عملاقة وهذا ما يجعل النجم يدق مثل الجرس". ويؤكد هذا الباحث أن الضوء الصادر عن مثل هذه الانفجارات عظيم جداً فقد بث هذا النجم خلال عشر ثانية ما تبثه الشمس خلال 150000 سنة من الضوء.
الفساد في البيئة
ظهور الفساد الذي يشمل البر والبحر، وقد عبّر القرآن عن ذلك بقوله:"ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ " ووصفها بالماضي لأن القرآن لا ينطق إلا بالحق فالمستقبل بالنسبة لله هو حقيقة واقعة لا مفر منها وكأنها وقعت في الماضي وانتهى الأمر، ولذلك جاء التعبير عن هذه الحقيقة العلمية بالفعل الماضي. وكذلك تحدثت الآية عن المسؤول عن هذا الفساد البيئي وحددّت الفاعل وهو الإنسان، وتحدثت عن إمكانية الرجوع إلى العقل والمنطق وإلى العمل على إعادة التوازن للأرض.
التراكب في الحب والثمار في النباتات والصبغة الخضراء
جهل الناس عموماً كيف يتكون الحب والثمار في النبات، كما جهلوا كيف تتكون أجزاء النبات المختلفة، وأخذ العلماء يدرسون علم النبات وكيف يكون النبات حبوبه وثماره ولعلنا نقدر على محاكاة هذه الحقيقة الغائبة عن تصورنا، ثم أكتشفعلماء النباتات التمثيل الضوئي أو - التمثيل الكلوروفيلي - حيث وجدوا أن في النبات مصانع خضراء صغيرة - بلاستيدات خضراء - هي التي تعطي النبات لونه الأخضر ومنها تخرج المواد الغذائية التي تتكون منها الحبوب والثمار، وسائر أجزاءه. وبعد سقيه بالماء يخرج النبات من البذور في الأرض وهذه المصانع الخضراء هي أول من يخرج من الحبة عند بدء نموها، وكما قالت الآية في القرآن: "وَهُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِرًا نُّخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُّتَرَاكِبًا وَمِنَ النَّخْلِ مِن طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِّنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انظُرُواْ إِلِى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ" فالآية أشارت لحقيقة المادة الخضراء بأنه يخرج منها الحبوب والثمار متراكبة فالحديث هنا عن الصبغة الخضراء المعروفة بالكلوروفيل لا عن النبات.
مواقع النجوم في الفيزياء الفلكية وهي ليست كما ترى:
إن الناظر للسماء يظن النجوم قريبة، غير أن التقدم العلمي في علوم الفيزياء الفلكية جاء ليبين لنا إن الأبعاد فيما بين النجوم ومواقعها كبيرة جداً لا يتخيلها أو يتصورها عقل بشر، وهذه النجوم قد خرج منها ضوءها قبل فترة طويلة فمنها ما يبعد سنوات ضوئية. عن الأرض ومنها ما يبعد عدة ملايين من السنين الضوئية. ومانرى في الحقيقة سوى مواقعها التي غادرتها في غابر الأزمان، وهذه الحقيقة بقيت مجهولة حتى مطلع القرن العشرين، حيث بينت المراصد الفلكية بعد المسافة إلى هذه الأجرام السماوية وكوننا لا نرى سوى مواقعها التي غادرتها وهذه النجوم تنطلق في الفضاء بسرعة كبيرة لا يعلم مداها وهي تضيء وينطلق ضوءها من حولها، وهي كما قالت الآية: "فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ 75 وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ 76"
البرد من فوق كالجبال في السحب الركامية:
ومن مزايا السحب الركامية أنها تمتد رأسياً إلى علو خمسة عشر كيلومتراً أو أكثر، وبذلك تظهر لمن ينظر إليها عن بعد كالجبال الشاهقة. وتتيح فرصة النمو في الإتجاه الرأسي نشوء السحب الركامية عبر طبقات من الجو تختلف درجاتهاالحرارية أختلافاً بيناً، فتنشأ بذلك الدوامات الرأسية وتتولد حبيبات البرد، ولهذا فإن السحاب الركامي هو وحده قادر على توليد حبيبات البرد الثلجية وهذه حقيقة علمية بحد ذاتها تفسرها الآية: "أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاء مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاء وَيَصْرِفُهُ عَن مَّن يَشَاء يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالأَبْصَار 43 " وهكذا يقرر الجزء الأول من الآية مراحل تكون السحب الركامية الممطرة بالرغم من إن الإنسان لم يتوصل لهذه الحقيقة إلا في الماضي القريب، وعندما أستخدم العلماء الرادار في أعقاب الحرب العالمية الثانية تبين لهم أن السحب إنما تبدأ على هيئة عدة خلايا أو وحدات من السحب التي تثيرها تيارات الهواء فتتوحد وتكون السحب الركامية، ثم يخصصها بالنمو الرأسي حتى تصير كالجبال فعندئذ تجود دون غيرها من السحب بالبرد، وليس من اللازم أن يتساقط البرد من السحابة بمجرد تكونه، إذ ربما يحول التيار الهوائي الصاعد دون نزوله في مكان معين حتى إذا ما ضعف هذا التيار هوى البرد على هيئة ركام لا هوادة فيه، وكأنما أنفجرت السحابة وهذا يفسر لنا المراد بقوله: "فَيُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَن مَّن يَشَاءُ".
السدم وتكونها في الفلك خارج المجرة
حقيقة اتساع الكون، ويظهر ذلك في القرآن: "وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ "وفي هذه الآية معجزتان علميتان، فقد تحدثت الآية عن حقيقة الكون: "وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا" وقد ثبُت أن الكون منظم، وأن في الكون هندسة مبهرة فالكون يحوي أعمدة من السدم، ويحوي جسوراً من المجرات، ويحوي كذلك خيوطاً عظمى كل خيط يتألف من آلاف المجرات ويمتد لمئات البلايين من السنوات الضوئية.
القوى الجاذبية بين النجوم والكواكب:
"اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى يُدَبِّرُ الْأَمْرَ يُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ" وتشير الدراسات الكونية إلى وجود قوى مستترة، في اللبنات الأولية للمادة، تحكم بناء الكون، وتمسك بأطرافه، ومن القوى التي تعرف عليها العلماء في كل من الأرض والسماء أربع صور يعتقد بأنها أوجه متعددة لقوة عظمى واحدة، تسري في مختلف جنبات الكون؛ لتربطه برباط وثيق، وإلا لانفرط عقده، وهذه القوى هي: (1) القوة النووية الشديدة (2) القوة النووية الضعيفة (3) القوة الكهربائية المغناطيسية (الكهرومغناطيسية) (4) قوة الجاذبية. وهذه القوى الأربع هي الدعائم الخفية، التي يقوم عليها بناء الكون، وقد أدركها العلماء من خلال آثارها الظاهرة والخفية في كل أشياء الكون المدركة.
وتعتبر قوة الجاذبية على المدى القصير أضعف القوى المعروفة لنا، وتساوي:(10- 39) من القوة النووية الشديدة، ولكن على المدى الطويل تصبح القوة العظمى في الكون، نظرًا لطبيعتها التراكمية، فتمسك بكافة أجرام السماء، وبمختلف تجمعاتها. ولولا هذا الرباط الحاكم، الذي أودعه الله في الأرض، وفي أجرام السماء ما كانت الأرض، ولا كانت السماء. ولو زال هذا الرباط، لانفرط عقد الكون، وانهارت مكوناته.
إرتفاع السماء ودحي الأرض:
" وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا" ومعنى دحاها أي بسطها لتكون صالحة للإنسان والنبات، ومن معاني الأدحية البيضة، ومن معاني دحا: دحرج. ويظهر إن الأرض عند أنفصالها أخذت تدور وتتدحرج في مسارها ولا تزال تتدحرج وتتقلب وهي تجري في فلكها، فهل هناك تفسير أوضح لهذه الحقيقة العلمية من غير كلمة دحاها.
الحديد:
" لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ" بينت الآية 25 من سورة الحديد حقائق كثيرة منها انزال الحديد من السماء عن طريق النيازك الساقطة على الأرض وفي الكتاب تفصيل آخر.
أطوار القمر:
مراحل وأشكال القمر والتنقل في منازل معلومة والتفرقة بين ضوء الشمس ونور القمر حسب ما جاءنا في العلم الحديث. "وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ" حيث تقرر هذه الآية الحقيقة في سبب تغيير شكل القمر في كل شهر وهو تنقله في منازل (مواقع) معلومة حتى يعود هلالاً كما بدأ والعرجون تعبير عن شكل الهلال المقوس. "وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا" حيث نجد في هذه الآية التفريق بين ضوء القمر والشمس، وهكذا جميع آيات القرآن تصف الشمس بالسراج المنير الوهاج المضيء، بينما تصف الآيات القرآنية القمر بالنور، فالفرق واضح في التعبير ويدل على حقيقة علمية واضحة وهي أن التقدم العلمي أثبت أن ضوء الشمس من ذاتها ينبع فهي كالسراج المشتعل، بينما القمر فليس ضوؤه إلا انعكاساً من الشمس فليس من ذاته ولقد أنار بنور الشمس.
تحريم الميتة والدم ولحم الخنزير:
لقد حرم القرآن لحم الخنزير، ونفذها المتدينون امتثالاً لأمر الله الخالق للبشر، وطاعة له دون أن يناقشوا العلة من التحريم، وقد وجد العلماء في عصرنا الحاضر من الأدلة العلمية على وجود الأمراض في لحوم الخنازير ما يكفي ليوصوا بترك تناوله أو الإقلال منه حسب الأمراض التي وجدوها فيه، ويتساؤل البعض لم لا تربى الخنازير تربية صحية نظيفة, ولم لا تتخذ الوسائل لاكتشاف اللحوم المصابة وإتلافها, وإذا كان ذلك ممكناً في مكان وظروف معينين فهل يمكن تحقيقه في كل الظروف, أوليس الأولى عدم المخاطرة وتجنب المهالك, بل الحقيقة أن هذه الوسائل كلها لم تكن مجدية في واقع الحال في أي زمان ومكان.
يوم القيامة:
تجري ملايين من النجوم في الفلك بدون عائقة ومانعة في مستقرها على كر الدهور ومر الأيام. والشمس والأرض والمجرات و درب التبان كلها تجري في مستقرها مع النظام والهدوء. يتوقف هذا الجريان يوما وتهدم هذه النجوم والشمس بالتمام وتفني. فالقوة التجاذبية بين الكرات تضعف في ذلك اليوم وتتغير في مستقرها وتشتد حرارة الأرض وتهلك بها الحيوانات وتقلع منها النبات وتتابع المهن والفتن. وقد حذرنا منها آيات عديدة من القرآن الكريم وأحاديث كثيرة من السنة الشريفة.
" يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ "(7:187) كيثر من النجوم تجري في الفلك بإذن ربها على نظام معين لمستقر لها. ذات يوم يتوقف هذا الجريان.
إِذَا السَّمَاء انفَطَرَتْ. "وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ". :" وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ" (82:1,2,3)
وقد حذرنا العلماء العلوم عن هذه الحوادث والكوارث التي ستقع في عالم الأرض والسماء والبحار في المستقبل. وقد انعقدت بحوث كثيرة في هذا الموضوع. أنظرو إلى قول د\ حميد خان:"تقدر أن في الكون 10000 ألف ألف دروب التبان، وفي كل واحد منها تكون 40000 ألف ألف نجوما، وكل منها تبعد من بينهم مع جريانها في مستقرها المعين. فهذا هو العالم الذي نعيش نحن فيه الآن. وتبطئ سرعة جريانها في مستقرها المعين نسبيا حسب تباعدها عن أخراها. وذات يوم تنتهي هذا الجريان فتسقط مكسرة. يسقط النجم على الآخر.... فزمن تساقط النجوم على النجوم كتساقط الأوراق من الشجر.....فناء العالم..... وكل يفني وينتهي.... وكل يتوقف ويصفر..... فالإنسان ...يا للأسف قد كان هلك قبلها بمأة مأة ألف سنوات. فالشمس وكراتها سكانها صارت خامدة بعد صيرورتها سوبر نووا. ما أجمل تعبير الدكتورعن القيامة وأهوالها مع التخويق والترهيب. ههوذا قرآن الكريم يبين لنا عن القيامة:
"فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ"(77:8)
"وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ" (81:2)
"وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انْتَثَرَتْ" (82:2)
"وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ"(75:9)
وقد حذر العلماء عن فناء العالم المادي وهلك هذا الكون. فالحرارة تشدد يوما بيوم فوق نطاق تحمل نسمة الحيوية. يراقب العلماء أن حرارة الأرض ترفع ب 3.5 درجة مأوية. تأثر اشتداد حرارة الأرض في الطقوس وسيل الماء وموارد المياه الأرضي. ومن المكن أن نرى عواقبه حتى في كثافة السكان وعددهم وتأثرهم قبيحا. ظاهرة green house التي هي إنتاج حياة الحديثة المثقفة تصير مجال للبحوث والمناقشات في هذا الموقع. فا التقدريرات العلومية تنبأ تغير البيئة والطقوس فوق الحدود بكثرة كاربن دي اوكسيد، و كلورو فلورو كاربن في الفضاء. يقول منظم الكون والعالم في محكم تنزيله:" وَإِذَا الْبِحَارُ فُجِّرَتْ" (82:3)
فالقرآن يصف هذه المناظر الهائلة طول آياته التالية:
" إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ" (31:34)
"يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا"(33:63)
"إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السَّاعَةِ وَمَا تَخْرُجُ مِنْ ثَمَرَاتٍ مِنْ أَكْمَامِهَا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلَا تَضَعُ إِلَّا بِعِلْمِهِ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكَائِي قَالُوا آَذَنَّاكَ مَا مِنَّا مِنْ شَهِيدٍ "(41:47)
"وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ"(43:85)
"قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قَالُوا يَا حَسْرَتَنَا عَلَى مَا فَرَّطْنَا فِيهَا وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ "(6:31)
"أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غَاشِيَةٌ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ "(12:107)
"وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ "(22:55)
" هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ"(43:66)
"فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ "(47:18)
يتجلى هذا اليقين حتي عند العلماء المتخصصين الذين رسخوا في العلم التجريبي وأحاطوا بما لم يحط به غيرهم من الناس، فتراهم يتدبرون ويتأملون في عظمة الخالق سبحانه وفي قدرته وحكمته وخبرته التي تتجلى في ترابط هذا الكون الواسع الفسيح المحكم، مما يجعله سببا لإيمانهم بالله سبحانه وتعالى إيمانا ينتشلهم من ظلمات التيه والضلال إلى نور الإيمان واليقين والخشية والاستسلام لرب السماوات والأرض.
من هنا يتبين أن الله سبحانه قد سخر لدينه من العلماء الكونيين والمتخصصين التجريبيين مَن سيقوم بحمل أعباء الدعوة لهذا الدين والذود عنه ومنافحة مناوئيه من الصنف الأول الذين جحدوا واستكبروا مستخدمين وسائل جديدة وأساليب حديثة وأدلة مشاهدة تتناسب والعصر الذي يعيشه والإمكانيات التي أوتيها أصحابه.
نظرية "الانفجار العظيم"
من أشهر النظريات وأكثرها تقبلا عند العلماء هي نظرية "الانفجار العظيم" The Big Bang. تنص هذه النظرية على أن الكون ابتدأ من نقطة صغيرة من طاقة عظيمة التي تفوق في عظمها تصورنا، فانفجرت هذه الطاقة، وفي خلال لحظات من الانفجار أخذ الكون في تكونه على ما يحتويه من مواد خام لبنائه. وأخذت هذه المواد من ذرات الهيدروجين والهيليوم التمازج والارتباط ومن ثم تكوين المجرات، ثم تكونت النجوم والكواكب (ومازالت تتكون). وفي غضون ذلك كان الكون ومازال في حالة تمدد.
هنا تذهب ذاكرتي إلى الخلف لما أعلنت محطة CNN الإخبارية قبل سنوات عن مسابقة حول إعادة تسمية "الإنفجار الغظيم"، وأعلنت المحطة المذكورة بأن التسمية التي تطلق على بداية تكون الكون: "الانفجار العظيم The Big Bang" لا تليق به، وأن هذه التسمية تحتوي على معانٍ تعطي تصوراً خاطئاً عن كيفية تكون الكون. وعرضت CNN جائزة لمن يقدم أفضل تسمية لتلك اللحظة الأولى التي تكون فيها الكون.
قبل أن نعرف ما المشكلة في التسمية دعنا بداية نتعرف على الكون الذي نعيش فيه. لقد أشرت في السابق عن حالة الكون من اتساع دائم، فالله سبحانه يقول "وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ" وتحدثنا عن النظريات التي تدعم فكرة الاتساع الدائم. فإذا كان الكون في حالة اتساع دائم فذلك يعني أن الكون يكبر في الحجم لحظة بعد لحظة، وهذا يعني أنه إذا رجعنا إلى للخلف وعكسنا الوقت لوجدنا أن الكون يصغر شيئا فشيء، أليس كذلك؟ إلى إي حد سيصغر الكون؟
لا أحد يعرف كيف كان الكون في اللحظة الأولى من ولادته وذلك لأن درجة حرارته كانت مرتفعة جداً كما يقول العلماء، والقواعد الفيزيائية المعروفة اليوم لا تنطبق على طبيعة الكون في تلك اللحظة. ولكن بعد وجود الكون بزمن قدره 0.0001 من الثانية كانت درجة حرارته 1000 مليار (1000,000,000,000) درجة مئوية تقريباً، واحتوى الكون آنذاك على «المادة» (Matter) و«المادة الضد» (Anti-matter) وهما في حالة استقرار حيث لا تجتمعان بسبب الحرارة العالية (إن اجتمعتا المادة والمادة الضد ألغيتا بعضهما البعض). ويقول العلماء أن المادة كانت تفوق المادة الضد بمقدار مليار (1000,000,000 وحدة) تقريباً. فعندما انخفضت درجة حرارة الكون إلى 10 مليارات مئوية أو مائة مرة أقل من البداية سمح للخليط من المادة والمادة الضد بالاجتماع، عندئذ بدأت «البروتونات» (Protons) و«البروتونات الضد» (Anti-protons) بإلغاء بعضها البعض بالاتحاد، وفي ثوان لاحقة بعد ذلك بدأت درجة الحرارة تنخفض قليلاً وبدأت «الإلكترونات» (Electrons) و«الإلكترونات الضد» (Anti-electrons) بالاتحاد ومن ثم إلغاء نفسها.
وعندما أصبح عمر الكون ما يقارب الدقيقة ونصف الدقيقة انخفضت درجة حرارته إلى المليار درجة مئوية تقريبا، عندها بدأت النيوترونات تتحلل إلى بروتونات وإلكترونات، وبدأت البروتونات تجتذب النيوترونات وتلتصق بها لتكون أنوية ذرات الهيدروجين الثقيل ومن ثم الهيليوم. كل ذلك والكون في حالة تمزق واتساع شديد.
فبعد مئات الآلاف من السنين وحينما كانت درجة حرارة الكون مناسبة بدأت الإلكترونات تحوم حول البروتونات والنيوترونات لتكوين الذرات، وبعدها بملايين السنين بدأت المجرات بالظهور، ولم تتكون النجوم إلا بعد مليارات السنين. وقد قدر العلماء أن عمر الكون الذي نعيش فيه هو 15 مليار سنة تقريباً.
والمعروف أن الكون لم يكن سوى نقطة صغيرة نسبياً تحتوي على كل ما هو موجود حولنا من العناصر. وكما هو معروف فإن كل عنصر يتكون من ذرات، وكل ذرة تحتوي على نواة تدور حولها إلكترونات. والمعروف أيضاً أن الذي يشغل حجم الذرة بشكل كبير جداً هو الفضاء الذي تدور فيه الإلكترونات، ولتمثيل الذرة بشيء مشابه في الفكرة نقول أن الإلكترونات هي الكواكب ونواة الذرة هي الشمس، والكواكب تدور حول الشمس (طبعاً الصورة الحقيقة ليست كذلك، وإنما هذا مجرد تشبيه للفهم، ففي الواقع لا توجد صورة واضحة للذرة من الداخل). من المعروف أن هناك فضاء كبير بين الكواكب والشمس وهذا هو الحال في الذرة، فهي تحتوي على فراغ أكثر مما تحتوي على مادة. لذلك لو تصورنا قطر نواة الذرة مثلاً بحجم البرتقالة فإن قطر الذرة بأكملها يصل إلى 3.2 كيلومتراً تقريباً.
وعلى هذا فلو ضغطت المواد الصلبة فإنها تتحول إلى حجم أصغر مما هي عليه الآن. وغير ذلك فإن المواد الأولية في الذرة كالإلكترونات والبروتونات والنيوترونات إنما لها القابلية أن تتحول إلى طاقة، فمن الممكن تحويل المادة إلى طاقة والطاقة إلى مادة. وعملية تحويل المادة إلى طاقة يحتاج إلى درجات عالية من الحرارة، وقد علمنا أن الكون في بداياته إنما كان قطعة ملتهبة من النار إن صح التعبير، وإذا علمنا أن الطاقة لا تحتاج إلى حيز كبير من الفراغ لتشغله سنعلم أن الكون كان صغيراً جداً في بداية تكوينه.
وسمى العلماء اللحظات الأولى التي تمزق فيها الكون بشكل عنيف بالانفجار العظيم أو The Big Bang، وعبر هذا الاسم عن قدر هذا التمدد في ظل الحرارة العالية كما ترى عادة في انفجار القنابل. مع ذلك فقد عبرت هذه التسمية بشكل غير ملحوظ عن الصوت، فكل انفجار مصحوب بصوت مرتفع، واستشكل على العلماء هذه التسمية لأن الكون لم يحتو على مواد تسمح بانتقال الصوت. لذلك قد تكون رأيت تلك التجربة التي يوضع فيها جرس بداخل ناقوس زجاجي مفرغ من الهواء، وعند تشغيل الجرس تلاحظ أن المطرقة تطرق الجرس من غير أن تحدث صوتاً، ويرجع سبب ذلك لعدم وجود المادة التي ينتقل الصوت خلالها (وهي الهواء في هذه الحالة).
أعلن الـ: CNN عن مسابقة اختيار اسم آخر لبداية تكون الكون. فا الأحسن تسمتها بما اختاره الله سبحانه لوصف هذه البداية. يقول الله سبحانه "أَوَلَمْ يَرَ الذِّينَ كَفَرُوا أَنَّ السَمَاواتِ وَالأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْناهُمَا..." (الأنبياء - 30)، فالله يصف السماوات والأرض بأنهما كانتا متحدتين أو ملتئمتين معاً، ثم إن الله سبحانه فتقهما أو شقهما عن بعضهما. والأرض هنا قد تعني كل ما هو مادة، والسماوات كل ما هو فضاء (وقال الله تعالى كلمة سماوات بدل من سماء لتعدد السماوات، وهي ليست سماء واحدة أو فضاء واحد فقط، ولكن سأترك هذا لبحث آخر). لذلك قدم الله جل وعلا لنا أفضل مسمى لبداية تكون الكون وهو: "الفتق الكبير أو The Big Tear"، وكلمة الفتق هنا تحتفظ بدلالتها على قوة تمزق الكون، من غير أن ترمز لتولد صوت.
حالة تمدد الكون
لقد اكتشف العلماء حقيقة تمدد الكون في القرن العشرين، فقد كان العلماء يقولون أن الكون ساكن لا يتمدد ولا ينكمش، حتى أن آينشتاين اضطر أن يضيف إلى أحد معادلاته الرياضية رقماً يدعى بـ: Cosmological Constant، أو الرقم الكوني الثابت ليرغم معادلته للتمشي مع ما هو مُعتَقداً في ذلك الوقت من سكون الكون، ولكن عندما أثبت العالمان إدوين هابل وميلتون هيوميسن في سنة 1931 أن الكون في حالة تمدد، قال عندها آينشتاين عن الرقم الكوني الثابت أنه "أكبر خطأ في حياتي."
لقد أُكتُشف أن الكون في حالة أتساع عندما لاحظ العالمان إدوين هابل وميلتون هيوميسن أن المجرات (مجموعة من النجوم والكواكب، نحن نعيش في مجرة درب التبانة) في حالة تباعد عن مجرتنا. واتضح أيضا أن عموم المجرات في حالة ابتعاد عن بعضها البعض. وهذا إن دل على شيئ إنما يدل على أن الكون يتمدد. لكي نستطيع تخيل هذه الفكرة نضرب هذا المثال: تخيل أن الكون عبارة عن عجينة خبز كروية وفي داخل العجين حبات البطيخ متوزعة بشكل عشوائي، عندما نضع العجين في الفرن يبدأ العجين بالتمدد، فترى أن كل حبة من حبوب البطيخ تبدأ بالإبتعاد من الأخرى. ولكي نفهم الفكرة أكثر أحضر بالونة، وارسم عليها مجموعة من النقاط (إعتبر البالونة هي الكون والنقاط هم المجرات)، إبدأ بنفخ البالون، سترى أن النقاط كلها تبتعد عن بعضها، وكلما إزداد إتساع البالون كلما ازداد بعد النقاط أكثر. وهذا ما يحدث في الكون بالضبط.
لنرى ما يقوله الله جل وعلا عن الكون وما إذا كان ساكنا أو في حالة تمدد. يقول الله في كتابه الكريم: "وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ" (الذاريات ـ 47). هنا يبين الله سبحانه أنه خلق الكون بقوته، ومعنى "بِأَيْدٍ" هنا أن الله تعالى بنى السماء بقوة لا يوصف قدرها. وهنا إشارة إلى عظم تكوين الكون في البداية، وإن قارنا التسمية التي سمى بها العلماء بدأ تكوين الكون (الانفجار العظيم) لوجدنا تطابقاً في المعاني، حيث أن بداية خلق الكون إنما هو أمر عظيم لا يوصف قدره. ثم يخبرنا الله تعالى عن حال الكون الحالي، ألا وهو انه في حالة إتساع، وأنه الله سبحانه المسؤول عن هذا الاتساع الدائم.
لقد أخبرنا الله جل وعلا عن هذه الحقيقة، حقيقة إتساع الكون، قبل 1417 سنة ونحن لم نكتشفها حتى قبل قليل. كم من حقيقة ستكتشف وعندها سنراها تتجلى بكل وضوح في القرآن الكريم، وكم من حقائق أخرى موجودة في القرآن والتي إن علمنا ما هي لن تزيدنا إلا إيمانا بالله سبحانه وتعالى.
No comments:
Post a Comment